المعنى الوظيفي وتعدد الأوجه الإعرابية د. رعد هاشم عبود

معنى الوظيفي وتعدد الأوجه الإعرابية
د. رعد هاشم عبود
كلية التربية- جامعة ذي قار- الناصرية- العراق
المقدمة
دأبت بعض الدراسات اللغوية القديمة والحديثة على القول بعدم اهمية الحركة الإعرابية في النحو العربي ؛ إذ يرى بعض علماء اللغة أن الإعراب عمل لفظي محض يقصد به تحريك أواخر الكلم للتخلص من اسكان الاواخر ولمراعاة الانسجام بين الأصوات ، حتى يتمكن من النطق في درج الكلام بلا مشقة وعسر ، واول من دعا الى ذلك من القدماء ( قطرب ) ثم شايعه من القدماء عدد من العلماء وشايعه أيضاً من المحدثين العدد الأخر ويقف في مقدمتهم من المحدثين الدكتور ابراهيم أنيس ويردهذا الاتهام الدكتور الجواري دون ان يدقق في الموضوعات التي تسند ردّة الاّ مايتعلق بالحديث عن علامات الاعراب ومعانيها باسلوب يغلفه الجانب النظري يقول : (( ولكن هذا الشك لايمكن أن يسري الى الحقيقة الواقعة ، وهي أنَّ قواعد الاعراب ، قواعد مطردة ، أستنبطت من كلام العرب ومن نصوصه الموثوقة التي لايتطرق اليها أدنى اثارة من اتهام وحسبنا بالقرآن الكريم دليلاً على ذلك ناصعاً واضحاً كل الوضوح ))(1)
وتحاول هذهِ الدراسة التزام الجانب التطبيقي في البرهنة على أن الحركة الأعرابية تلتصق التصاقاًَ تاماً بالمعنى من خلال استعراض الكثير من النماذج النحوية التي حدّدت فيها الحركة الأعرابية الفوارق المعنوية لذا كانت الدراسة في اتجاهين هما :
1- معنى الحركة الاعرابية .
2- تعدد الاوجه الاعرابية والمعنى .
أولاً / معنى الحركة الأعرابية
المعنى الوظيفي : يقصد به ذلك المعنى الذي يحدده النظام في اللغة والموقع في السياق ؛ اذ (( المعنى الدلالي يشمل على عنصرين مهمين وهما المعنى المقالي – المعنى المعجمي – والقرائن المقالية الاخرى والمعنى المقامي ... )
وهذه الدراسة تبحث في المعنى المقالي ( المعنـى الوظيفـي ) واثر تعدد الاوجه الاعرابية في ذلك ؛ لأن هناك من يعتقد ان النحو العربي بصورة عامة قد ابتعد عن المعنى والمضمون حتى جاء علم المعاني ليكمل النقص فيه ، نعم اهتم علم المعاني بأمور غابت عن النحويين لانهم المؤسسون الاوائل ، وهذا ديدن كل العلوم أن تنشأ وقد شابها النقص ثم تأتي العلوم الاخرى لتكملها أو يبدأ العلم نفسه بأكمال نواقصه ، ولكن مع هذا لا يمكن ان نفصل بين النحو والمعنى فصلاً تاماً ؛ ذلك ان المعنى يرتبط بالعقل ارتباطاً مباشراً كمـا أن (( لملاحظة الاساس العقلي اهمية كبيرة في الظاهرة اللغوية فالناس ( عندما يتكلمون يبدأون بمجموعة من التصورات التي يرغبون ان يعبروا عنها ، ثم يحولون هذه التصورات المجردة الى شكل يتناسب مع التعبير في الكلام ، وعندما يستمع الناس فأنهم يسمعون اصواتاً صدرت عن الاخرين ، ومن ثم يسعون الى ان يحولوا هذه الاصوات الى المعاني التي حاول المتكلم ان يوصلها ، وتحدث نفس الدورة بين العبارة والمعنى في الكتابة ... والنظام التركيبي للغة يتمثل في محموعة الاسس التي تربط معاني الجمل باشكالها التي تقع في التعبير والمعنى ينشأ في العقل ووظيفة النحو ( علم التركيب ) هي دراسة العلاقات بين المعنى والشكل )) (3)
والمعنى – هو غاية الغاية بين من يتكلم اللغة ومن يسمعها وبين من يقوم بالكتابة ومن يقرأ ما يكتب (4)
ان من خصائص العربية انها تعبر عن المعاني بأتجاهين هما :-
أولاً: النظم / وهو الطرق المتبعة في تركيب الكلام وترتيب اجزائه .
ثانياً: الاعراب/ وهو الاشهر والاوضح والاقوى وهو الدليل على موقع اكثر الالفاظ من التركيب ، ونقول أكثر الالفاظ ؛ لأن من اجزاء التركيب الحرف والمبني من الاسماء والافعال (5)
واشـار اكثر من نحوي قديم او حديث الى علاقة الاعراب بالمعنـى ؛ اذ يقول المبرد رابطاً بين النحو والمعنى (( كل ما صلح به المعنى فهو جيد ، وكل ما فسد به المعنى فمردود ))(6) ويتضح هذا المعنى من خلال تعريف أبن جني للاعراب بقوله : ( هو الابانة عن المعاني بالالفاظ )
ويذهب الجواري الى أن ظاهرة الاعراب ظاهرة قديمة ليست فقط في العربية بل في اليونانية القديمة واللاتينية وفي طائفة من اللغات السامية الاخرى وله أثره في المعنى يقول : (( وبه تتعرف الالفاظ في معانيها التي تحتملها ، ووجوهها التي تتحملها وبه يستدل على الجزء الاكبر من معنى التركيب )) ( المعنى الوظيفي وتعدد الأوجه الإعرابية د. رعد هاشم عبود Icon_cool

ويشير خليل عمايره الى ثلاثة أنواع من الحركات بحسب أثرها المعنوي هي: (9)
1- الحركة الاعرابية ذات الاثر الواضح في المعنى ولها وجودها الحسيّ ، وهذا النوع من الحركات لابدَّ من الأخذ به وعدّه ركناً من أركان اللغة العربية بغيره لا تستقيم .
2- الحركة الإعرابية ذات الوجود الحسيّ ولكنها لاتحمل قيمة دلالية ، وهذه يجب الأخذ بها وعدّها من أركان سلامة المبنى قياساً على ما جاء في لغة العرب ولايجوز اسقاطها .... كما في نواسخ الجمل الاسمية ، وافعال المقاربة والشروع والرجاء والجوازم وغيرها من عناصر التحويل بالزيادة
3- الحركة الاعرابية المقدرة وهي غير الموجودة في الواقع الحسيّ للجملة ، فان القول بها ضرب من الترف الفكري واسراف في مجاراة القواعد والقوانين المعيارية وانصراف عن تحقيق المعنى الى شيء لايفيد منه المبنى شيئاً .
وطبقاً لعناصر التحويل التي يرى أنها مكونة من : (10)
1- الترتيب 2- الزيادة 3- الحذف 4- الحركة الإعرابية 5- التنغيم
يرى أن الحركة الإعرابية ترتبط بالمعنى وليست أثراً من آثار العوامل يقول راداً على ابن يعيش وأبن السرّاج والاشموني في قولهم بالإعراب بأنه أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في محل الإعراب مانصّه : (( لهؤلاء نقول : ان الحركة شأنها شأن أي فونيم في الكلمة لـه قيمة واثر في الإفصاح والإبانة عما في النفس من معنى فيكون تغيرها محققاً لما في نفس المتكلم من معنى يريد الابانه والإفصاح عنه ، فاذا قال المتكلم : ( الاسدُ ) ( بالضمة ) فأن السامع يدرك أنه قد أراد نقل خبر ليس غير ، ولكنه اذا قال : الاسدَ ( بالفتحة ) فان المعنى يتغير إلى معنى التحذير الذي هو في ذهن المتكلم ويريد أن يفصح عنه ولا يستطيع تغيير أي فونيم في الكلمة غير هذا الفونيم ، فانه ان غيرّ فونيماً آخر في الكلمة تغيرت الصورة الذهنية التي ترتبط بها الكلمة بسبب ، فلا سبيل اذاً الى التغيير الا في فونيم الحركة الذي يؤدي الى صورة ذهنية جديدة ولكنها تتصل بالاولى بسبب ، فما كان التغيير في الحركة الاّ نتيجة للتغيير في المعنى ... وليست الحركة نتيجة لأثر عامل كما يرى النحاة ))(11)
لكن العمايره يخصص التغيير في الحركة الاعرابية الذي يصاحبه تغير في المعنى في الموضوعات الاتية :

التحذير و الأغراء والاختصاص والفعل أو الاسم المنصوبين على المعية وحركة النصب في الاسم بعد (كم) الاستفهامية محولاً عن حركة الجر بعد كم الخبرية. (12)
في حين يشمل تغيير الحركة الإعرابية المؤدي الى تغيير في المعنى موضوعات أخرى تطّلع الدراسة في الكشف عنها لتكون تعضيداً وترسيخاً أو زيادة في الامثلة النحوية التي تدعم هذا الاتجاه ، اذ لو دقق الدكتور العمايرة في النماذج النحوية التي ضمّت الاحتمالات النحوية أو تعدد الاوجه الاعرابية وهذهِ النماذج كثيرة في الدرس النحوي العربي لكانت دراسته ( في التحليل اللغوي ) أكثر عمقاً واصالة وإقناعاً – ولكنه وللاسف أغفلها – وتحاول هذه الدراسة الإفصاح عنها.
ثانياً / تعدد الأوجه الأعرابية والمعنى

1- قولنا : ( لارجلُ في الدار ) بضم لفظة ( الرجلُ) اذ يحتمل السياق افادة الاستغراق مع ارتفاع المبتدأ المنكر بعدها ؛ لأنَّ النكرة في سياق النفي للعموم على الظاهر سواء كانت مع (لا) أو ( ليس) أو غيرهما من حروف النفي أو النهي او الاستفهام ويحتمل أن تكون لغير الاستغراق مع القرنية فيحوز ( لارجلُ في الدار بل رجلان ) . (13) فحركة الضم هنا ميزت السياق عن حركة الفتح التي تحتملها لفظة ( الرجل ) فحركة الفتح للنفي المطلق في حين حركة الضم تحتمل النفي المطلق وغيره.
2- تابع المنادى
عندما يتطرق سيبويه الى تابع المنادى المفرد من النعت او التأكيد أو المعطوف أو عطف البيان في حالة الرفع على اللفظ والنصب على الموضع لايشير الى الاختلافات في المعنى في هذه الاحتمالات(14)
وكذلك يفعل الامر نفسه أبن يعيش أذ يرى أن الرفع يكون على اللفظ والنصب يكون على المحل دون توضيح المعنى الوظيفي لهذا التغيير (15)
لكن الرضي يوجه ذلك معنوياً فاذا كان التابع للمنادى المفرد بدلاً اوعطف نسقِِِ بلا لام مفرداً أو غير مفرد يحتمل في ذلك :
أ‌- أن ينصب ذلك التابع قصداً للتنكير ،كما في قولنا : ( يازيدُ ورجلاً ) فهو كما نقول : ( يارجلاً )
ب‌- أن يرفع قصداً للتعريف كما نقول المعنى الوظيفي وتعدد الأوجه الإعرابية د. رعد هاشم عبود Icon_sad

يازيدُ ورجل ) فهو كما نقول : ( يارجلُ ) ، ذلك أن عطف النسق من حيث المعنى منادى مستأنف ، ونقول في البدل المعنى الوظيفي وتعدد الأوجه الإعرابية د. رعد هاشم عبود Icon_sad

يازيدُ أخانا) و ( ياعبد الله أخُ ) ففي المثال الاول جاء البدل معرفة ؛ لأن البدل سادُّ مسد المبدل منه والاول في حكم الساقط وفي المثال الثاني جاء البدل نكرةً(16) وفي المثال : ( يا غلام زيدا ) يحتمل زيد بالاضافة الى حالة النصب التي يكون فيها التابع عطف بيان ( 17 ) الجر وعندها يكون التابع مضاف اليه في حالة نصب ( غلام ) والبناء على الضم على اساس البدلية ( 18 )
3- النعت المقطوع
من المواضيع النحوية التي يتغير فيها المعنى لتغير الحركة الاعرابية ما نجده في موضوع النعت المقطوع (19) اذ لفظة ( الكريم ) في قولنا : ( ممرت بزيد الكريم ) تحتمل ثلاث حركات هي الجر والنصب والرفع , ولكل من ذلك معنى , فالجر على اساس ان لفظة ( الكريم ) صارت نعتا , والنصب والرفع عندما يراد القطع عن النعت عندها يكون النصب النصب على اساس تقدير فعل محذوف والكريم يصبح مفعولا به لذلك الفعل والرفع في لفظة الكريم يجعله خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هو , وفي كلتا الحالتين اعني النصب والرفع يتكون لدينا جملتان , الجملة الاولى ( مررت بزيد ) والثانية تتكون من الفعل المحذوف والفاعل والمفعول او من المبتدأ المحذوف والخبر , وهما بلا شك يؤديان معنى اخر غير المعنى الذي يؤديه الجر .
4- العطف في ( زيدُ قام وعمرو كلمته)
إذ أعطى النحاة للفظة ( عمرو ) احتمالين
أ‌- الرفع : ليناسب المعطوف عليه ، وهو من باب عطف الاسمية على الاسمية
ب‌- النصب : وهو من باب عطف الفعلية التي هي الصغرى على الفعلية ليتناسبا في كونهما فعليتين (20)
والاحتمال الثاني يقوم على أساس أن الجملة مادامت احتوت فعلاً فهي جملة فعلية وان تقدمها الاسم .
5- العطف على ضمير الرفع المتصل
اشار النحوييون الى ان ذلك يستلزم الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بشيئ ويقع الفصل كثيرا بالضمير المنفصل ( 21 ) نحو قوله تعالى (( لقد كنتم انتم واباؤكم في ضلال مبين )) ( ) او بغير الضمير كما في قولنا : ( اكرمتك و زيد ) فلفظة ( زيد ) تحتمل الرفع والنصب , فالرفع على ان الاكرام حصل مني ومن زيد , وحالة النصب تعني ان الاكرام قد حصل مني عليك وعلى زيد , فالحركة الاعرابية على وفق هذا المثال تصبح دليلا على المعنى .
6- العطف على اسم ان بعد استكمال خبرها
نحو قولنا : ان زيد قائم وعمرا او وعمرو ومن ذلك قوله تعالى : (( ان الله بريئ من المشركين ورسوله )) ( التوبة / 3 ) ومنه قول الشاعر
فمن يك لم ينجب ابوه وامه فأن لنا الام النجيبة والاب
ففي حالة النصب يشترك المعطوف والمعطوف عليه بالخبر , أي ان زيدا وعمرا اشتركا بلفظ القائم , بينما في حالت الرفع قالوا : بانه معطوف على محل اسم ان وهذا ظاهر كلام ابن مالك في الفيته , لكن الصحيح فيما يذهب اليه ابن عقيل الى عده مبتدأ وخبره محذوف (23) هذا يعني تقدير خبر محذوف ومن ثم يصبح هناك جملتان فهو من باب عطف جملة على جملة .

7- لفظة ( قضّهم ) في قولنا : جاءوا قَضَّهم بقضيضهم ) ؛ اذ يشير النحاة الى أن لفظة ( قضّهم ) في القول السابق بمعنى الحال ، بمعنى (كافة) ، لكن الرضي يشير إلى احتمال أن تكون في موضع التابع أما على التوكيد نحو قولهم : ( جاء القومُ قَضُّهم بقضيضهم ) ، و ( رأيت القومَ قضهم بقضيضهم) على أن يكون أصله جملة فيعطي جزؤها الأول أعراب جميعهم لصيرورتها بمعناه ، أو على البدل ، أي جاءوا قاضُّهم بقضيضهم(24)

8- رفع المستثنى ونصبه في حالة كون المستثنى منه متقدم على المستثنى في الكلام المنفي كما في حالة رفع لفظة( قليلُ) او نصبها في قوله تعالى : ((ما فعلوه الا قليل منهم ) [النساء/66]

اذ يكون النصب على الاستثناء او البدليه ويشترط الرضي رجوع ضمير على اسم قبل الاستثناء صالح لأن يبدل منه ، معمول للابتداء أو أحد نواسخه نحو قولك: ( ماأحد ضربته الاّ زيداً ) اذ يجوز لك الإبدال من هاء ضربته ؛ ذلك أن المعنى يكون ماضربت أحداً الاّ زيداً ؛ فقد أشتمل النفي على هذا الضمير من حيث المعنى ، وكذلك اذا كان الضمير في صفة المبتدأ نحو : ( ماأحدٌ لقيته كريمٌ الاّ زيداً ) ، ومثال دخول النواسخ : ( ماظننت أحداً يقول الازيدٌ ) بالرفع بدلاً من ضمير يقول ؛ لأن المعنى المعنى الوظيفي وتعدد الأوجه الإعرابية د. رعد هاشم عبود Icon_sad

مايقول ذاك أحدٌ في ظني الاَّزيدٌ )(25)
9- العطف على الشرط .
عند العطف على الشرط كما في قولنا المعنى الوظيفي وتعدد الأوجه الإعرابية د. رعد هاشم عبود Icon_sad

تحمد أن تأمر بالمعروف وتؤجر ) جاز في المعطوف ثلاثة أوجه هي: (26)
أ‌- الجزم على العطف على فعل الشرط .
ب‌- النصب على الصّرف .
جـ - الرفع على الاستئناف .
والنصب عند ابن الناظم على إضمار ( أنْ)(27) يعلل ابن الناظم النصب بقوله : (( وجاز النصب بعد الفاء والواو ، اثر الجزاء ؛ لان مضمونه غير محقق الوقوع فاشبه الواقع بعده الواقع بعد الاستفهام ))
ورويت بالأوجه الثلاثة لفظة (نأخذ ) في قول النابغة الذبياني :
فأنْ يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والبلدُ الحرامُ
ونأخذَُْ بعده بذناب عيشِِ أجبُّ الظهرِ ليس له سنامُ
10- رفع لفظة ( حطب ) ونصبها في قولهم :
( جاء الشتاء والحطبُ أو الحطبَ)
ففي حالة رفع لفظة ( الحطبُ) يريد المتكلم انهما جاءا معاً وان اراد الحاجة الى الحطب يقول : جاءالشتاءُ والحطبَ بالنصب(30) وهذا المعنى يقال ايضاً في قولنا : كيف أنت وعليُّ أو وعلياً ؟ ففي حالة الرفع يكون السؤال عنهما أي كيف أنت ؟وكيف علي ؟ أما حالة النصب فالسؤال يكون عن العلاقة بينهما .
11- تابع معمول المصدر أو اسم الفاعل
عند العطف على معمول المصدر أو نعته وكذلك الحال في اسم الفاعل ، يحتمل في التابع الجر أو النصب أو الرفع ، وهذا يعتمد على موقع المعمول الواقع مضافاً اليه فان كان أصله الرفع فلك أن ترفع التابع بالاضافة الى الجر وان كان المعمول أصله النصب فلك في التابع النصب بالاضافة الى الجر ، ومن شواهد الرفع قراءة الحسن البصري لقوله تعالى (( ان عليهم لعنة اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعين ))[ آل عمران /87 ] برفع ( والناسُ أجمعون ) عطفاً على موضع المضاف اليه المجرور والذي هوفاعل في المعنى.(31) ومن شواهد النصب قول رؤبه بن العجاج :
قد كنت داينت بها حسّاناً مخافة الإفلاس والليانا (32)
وهذا عند سيبويه من باب اضمار الفعل يقول : (( وتقول عجبتُ من ضرب زيدِِ وعمرو إذا شركت بينهما كما فعلت ذلك في الفاعل ، ومن قال هذا ضاربُ زيدِ وعمراً قال : عجبت لـه من ضرب زيدِ وعمراًً، كأنه أضمر : ويضرب عمراً ، أو ضربَ عمراً )) (33)
والوجه عند النحويين فيما سبق هو الجر للمشاكلة في اللفظ والمعنى يقول أبن يعيش : (( وانما كان الوجه الجر لتشاكل اللفظين واتفاق المعنيين واذا حملته على المعنى كان مردوداً على الاول في معناه وليس مشاكلاً لـه في لفظه واذا حصل اللفظ والمعنى كان اجود من حصول المعنى وحده ... ))
12- جر الاسم ورفعه بعد (لاسيما )
اذ يتغير معنى ( ما ) في هذا السياق على وفق حركة الاسم الواقع بعد لاسيما فان كان مجروراً – وهو أحتمال أول فيه – فأن معنى (ما ) هو ان تكون زائدة أو تكون نكرة غير موصوفة والاسم الذي بعدها بدل منها ، اما اذا كان الاسم الذي بعدها مرفوعاً وهو أقل من الجر فالاسم المرفوع خبر لمبتدأ محذوف ، (ما) بمعنى الذي أو نكرة موصوفة بجملة اسمية(35)
13- نصب لفظة (قاعد) أو رفعها في قولنا المعنى الوظيفي وتعدد الأوجه الإعرابية د. رعد هاشم عبود Icon_sad

ماكان زيدُ قائماً او قاعداٌ ) فالنصب يعني أن القيام والقعود منفيان في الماضي والرفع يعني ان القيام في الماضي والقعود في الحال (36)
وكيف يكون النصب والجر متساويين في المعنى ؟! ، والمعلوم أن الجرَّ علامة الاضافة والنصب علامة المفعولية ، ثم كيف يكون ذلك مقبولاً وجر المعطوف أو النعت لتابع المصدر هو بمثابة قوة التابع ؛ لأن المعطوف على المجرور وهو في حالة الجر كأنما هو مضاف اليه حذف منه المضاف ، والمضاف والمضاف اليه كالكلمة الواحدة ، كذا الحال في النعت والمنعوت هما من القوة في حالة الأتباع بالحركة من حالة النصب الذي يكون عليها التابع ؛ أذن لابد من معنى آخر يحتمله المنصوب في حالة العطف أو النعت ، فاذا قلنا : ( عجبت من ضرب زيدِِ وعمرو ) كان الضرب متساوياً عليهما ؛ لأن الواو أفادت المشاركة الكلية ، واذا قلنا : ( عجبتُ من ضربِ زيد وعمراً ) لم تفد الواو- باعتقادي – هنا المشاركة في الضرب لأن التقدير كما قالوا واضرب عمراً، فقد لا يكون الضرب واقعاً على عمرو على وفق هذا التقدير ، وان كان واقعاً فربما تكون الواو قد عطفت جملة على جملة ويكون التقدير : عجبتُ من ضربِ زيدِِ وعجبتُ من ضرب عمروِ ، وبأي حال من الاحوال لايكون العجب متساوياً من خلال الضربين لأنه قد يكون اختلاف فيه ولو بمقدار قليل ، وهذا التخريج يصلح أيضاً على الاحتمالات النحوية في تابع معمول أسم الفاعل الواقع مضافاً اليه .
14 - الفعل بعد الفاء والواو وأو اذ يحتمل فيه الرفع عطفاً للجملة المسبوقة بأحدى هذهِ الحروف على الجملة السابقة لها ، فالمضارع المرتفع بلا قرينة مخلصة للحال أو الاستقبال ظاهر في معنى الحال ويحتمل في الفعل كذلك النصب ، والنصب يشير الى السببية ، وعدم اللبس قد يبيح بقاء الرفع مع الدلالة على السببية ؛ فيكون معنى الرفع والنصب سواء ومنه قوله تعالى : (( ودّوا لو تُدهنُ فيدهنون )) [ القلم /9] أي فهم يدهنون ، وكذلك قوله تعالى المعنى الوظيفي وتعدد الأوجه الإعرابية د. رعد هاشم عبود Icon_sad

( ولا يؤذن لهم فيعتذرون )) [ المرسلات /36 ] فكأنه قال : ( فيدهنوا ) و ( فيعتذروا)(37)
ومنه قول جميل بثينة :
ألم تسألِ الربعَ القواءَ فينطقُ وهل تخبرنك ماجزع عليك فتجزعُ(38)
ومنه قول مُويلك المزموم :
ولقد تركت حبيبةً مرحومة لم تدرِ ماجزعُ عليك فتجزعُ (39)
15 - رفع لفظة ( عمّة )ونصبها وجرّها في بيت الفرزدق :
كم عمّه لك ياجريرُ وخالةِِ فدعاءُ قد حلبت عليَّ عشاري
فالرفع على معنى ( كم مرّةً حلبت علي عماتك) والنصب على الاستفهام والجرُّ على الخبر ، يقول أبن يعيش في ذلك : (( فالرفع على أنه مبتدأ وحسن الابتداء به حيث وصف بالجار والمجرور وهو لك وقوله ( قد حلبت عليَّ عشاري) في موضع الخبر وتكون (كم) واقعة على الحلبات فتكون مصدراً والتقدير كم مرة أو حلبةِِ عمة لك قد حلبت عليَّ عشاري ، ويجوز أن تكون كم واقعة على الظرف فيكون التقدير كم يوماً أو شهراً ونحوهما من الازمنه ومن نصب فعلى لغة من يجعل (كم) في معنى عدد منون ونصب بها في الخبر وهم كثير منهم الفرزدق ؛ لأن هذا ليس موضع استفهام مع أنه لايبعد الاستفهام على سبيل التقرير فتكون (كم) مبتدأ في موضع مرفوع ، وقوله قد حلبت عليَّ عشاري في موضع الخبر وتكون كم واقعة على العمات ، ومن جرّ فعلى أنه خبر بمعنى رُبَّ ))(41) ويوضح ذلك عمايره

اذ يرى أن الاصل في (كم) أن ْتكون للخبر لأن الاصل في الجملة هو الاخبار ؛ لكنه انْ اراد أن يعبر عن الاستفهام فعلى المتكلم أن يغيّر في مبنى الجملة ليسأل عن عدد ومعدود يجهلها ويظن أن المخاطب يعلمها ، ولانستطيع أن نغير في مبنى (كم) لانها مشترك بين الاستفهام والخبر ؛ لذا علينا أن نغير في حركة الاسم الواقع بعدها.(42)
16 - جر لفظة (غدوة ) بعد(لدن)أو نصبها أو رفعها ؛ اذ القياس ان تكون (غدوة ) بعد ( لدن) مجرورة نقول : ( من لدن غدوة ) على أنها مضاف اليه ؛ لان (لدن) من الاسماء الملازمة للاضافة ولكن سمع من لدن غدوة بالنصب على التمييز أو تكون خبراً لكان المحذوفة أو انها شبيهة بالمفعول به ، وحكى الكوفيون الرفع في غدوة بعد لدن وهو مرفوع بكان المحذوفة والتقدير : لدن كانت غدوة وكان في هذه الحالة هي التامّة.(43)
نتائج البحث
واجعلها فيما يأتي :-
1- لم يكن قول بعض علماء العربية القدماء وبعض الباحثين المحدثين دقيقاً في عدم اهمية الحركة الاعرابية وانهـا ترتبط بالجانب اللفظي النطقي فقط .
2- توصلت الدراسة الى اثر تعدد الاوجه الاعرابية في المعنى واتضح ذلك من خلال النماذج التطبيقية التي تضمنتها الدراسة .

» *أثر حروف المعاني في تعدد المعنى* ـــ د.عرابي أحمد
» غزة هاشم...غزة الصمود...غزة الجهاد
» غزة هاشم...غزة الصمود...غزة الجهاد....تابع...
» صور ليال عبود
» ليال عبود

صفحة 1 من اصل 1