سلام الله عليكم جميعا :
من التقاليد الجميلة في الجامعات والمدارس الثانوية الأمريكية أنّ خريجيها يعدون إليها بين الحين والآخر في لقاءات لم شمل منظمة ومبرمجة ، فيقضون وقتا ممتعا في مباني الجامعات التي تقاسموا فيها القلق والشقاوة ،ويتعرّفون على أحوال بعضهم البعض : من نجح وظيفيّا ومن تزوج ومن أنجب....وفي إحدى تلك الجامعات إلتقى بعض خريجيها في منزل أسّتاذهم العّجوز ، بعد سنوات طويلة من مغادرة مقاعد الدّراسة ، وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في المناصب وحققوا الإسّتقرار المادي والإجتماعي .وبعد عبارات التّحية والمجاملة طفق كل منهم يتأفّف من ضغوط العمل والحياة التي تسبب لهم الكثير من التوتر .وغاب الأسّتاذ عنهم قليلاّ ، ثم عاد يحمل إبريقا كبيرا من القهوة ومعه أكواب من كل شكل ولون : صيني فاخر على ميلامين على زجاج عادي على كريستال على بلاستيك ...يعني بعض الأكواب كانت في منتهى الجمال تصميما ولونا وبالتالي باهظة الثمن ، بينما كانت هناك أكواب من النوع الذّي تجده في أفقر البّيوت ، وقال لهم الأستاذ : تفضلوا ، كل واحد منكم يصب لنفسه القهوة ...وعندما صار كل واحد من الخريجين ممسكا بكوبه ، تكلم الأستاذ مجددّا : هل لاحظتم أن الأكواب الجميلة فقط هي التّي وقع عليها إختياركم وأنكم تجنبتم الأكواب العادية ..؟ ومن الطّبيعي أن يتطلع الواحد منكم إلى ماهو أفضل وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر ، ماكنتم بحاجة إليه فعلا هو القهوة وليس الأكواب الجميلة الثمينة ، وعين كل واحد منكم على الأكواب التّي في يدي الآخرين ....فلو كانت الحياة هي القهوة فإن الوظيفة والمال والمكانة الإجتماعية هي الأكواب .....وهي بالتالي مجرد أدوات تحوي الحياة ونوعية الحياة ( القهوة) هي لاتتغير ، وبالتّريكيز فقط على الكوب نضيّع فرصة الإستمتع بالقّهوة.
فليجعل كل واحد القهوة ( الحياة ) أهم من الأكواب )المناصب والمال و.....).
.......................................فطيمة88............................................