سلام الله عليكم جميعا :
في بداية الثّمانينات وفي عهد القناة الوحيدة، كان مسلسل السّابعة كما عرف في تلك الفترة الشّغل الشّاغل لأفراد العائلة الجزائرية طبعا البعض يذكر مسلسل (إليزابيل ) الذّي عشقه الجزائريّين وأصبح ملّم لشمل العائلة في بداية التسعينات عادت المسلسلات المدبلجة من جديدن فكان المكسيكي (مهما كان الثمن) أو ماعرف أنذاك (آنا كريستينا) معبود الجماهير، فأصّبحت بطلته وبطله أشهر من النّار في الهشيم ،في تلك الفترة لم تنفتح الجزائر على الهوائيات المقعرة فكان وقت بت المسلسل وقتا مقدسا عمل العّمايل في نفوس عشاقه ،ووصل حدّ إهمال الدّراسة لأجل عيون (أليخاندروا وكريستينا) .
بعد فترة ليست بالطويلة أطلّ علينا ضيف عزيز أسال الكثير من الحّبر أحبه الجزائريون بل هناك من وصل به الحّب لدرجة العشق ، طبعا عرفتموه إنه (البرابول) أو(الدّش) أو (الهوائي المقعر) إختلفت أسماءه وسمومه واحدة رغم قلّة منافعه فجعل العالم قريب من بعضه البعض .
بعد إنتشار هذا الدّش وخيانة العائلة الجّزائرية لتلفزتها الموقّرة وإخّتيار الفضائيات بمختلف توجهاتها ،اصبحت هذه المسلسلات على كثرتها يصعب إنتقاء الأحسن منها رغم أنها متشابها في المضامين والمحتوى، طبعا لم تصمد بعد سنوات من عرضها ففقدت بريقها وإنّغلقت شهية المّشاهد عليها لأنها أصبحت مملّة في نظره بالمّقابل ظهرت الكورية وكانت كسابقتهان أما في الثلات سنوات المّاضية فقد أطلت علينا موضة جديدة وهي المسلسلات التّركية المدبلجة إلى اللّهجة السّورية وتبعتها الهّندية وهلّم وجرّ، طبعا الكلّ يذكر ما فعله مهند بقلوب وعقول عشاقه من الجّنس اللّطيف وحتى المتزويجات ، فسّوق لنا الحّب على الطّريقة التّركية فتمنت كل إمرأة في العالم العربي المسلم أنّ يكون زوجها او خطيبها مهند آخرحتى الشّباب سبح وغرق لأجل عيون الفاتنة لميس وأصبح يبحث عن مثيلاتها وسط جموع النّساء .
السؤال الذّي يطرح نفسه ما الذّي قدمته لنا هذه المسلسلات بكثرتها وتنوعها ...؟
وهل هي حالة مرضية أصابت المجتمع بكل شرائحه أم هي ظّاهرة تجعلنا ننفتح على تقاليد الغير ، الحقيقة والتّي لاغبار عليها أنّ هذه المسلسلات لم تقدم لنا إلاّ مزيدا من تدمير للّأخلاق وإذا إستثنينا التركية التّي يتشدق البعض على أنها قريبة من عاداتنا العربية فإنّ المكسيكية ماهي إلاّ إنحلال أخلاق بحيث تروج للّديانة المسيحية بين حكايات الحّب التي يعرضها وإن عدنا إلى الكورية فهي تشبه بعد السّماء عن الأرض بالنّسبة إلينا .
طبعا كلنا نعرف أنّ هذه الشّعوب لها عادات وتقاليد مغايرة وأكثر هي شعوب بوذية المعتقد ،حتى الهندية لاتختلف عنها كثبرا، لنعد الان لّلظّاهرة التّركية ،إذا إسّتثنينا مسلسل وادي الذئاب والأرض الطّيبة وصرخت حجر فإنّ باقي المسلسلات ماهي إلاّ نسخة طبق الأصل عن ناظيرتها المكسيكية ، تقدم الحّب على طبق علماني فالمّتتبع لها أكيد لاحظ كيف أنه بالإمكان شرب الخمر والزّنى بعدها دخول المسجد للّصلاة وهذا هو السّم القاتل لما بقي من أخلاق وقيم وهنا نطرح مشكل آخر لما هذا الكّم الهائل من هذه المسلسلات المدبلجة بإخّتلاف أجناسها ....؟ هل هو لغياب دراماعربية حقيقية تمس عمق المّجتمع وتعالج مشاكله ومن تم تبحث عن الحلول ...؟ أم أنه حب وشغف إكتشاف الآخر من الشّعوب في عادتها وتقاليدها ....؟ حتى ولو كانت بعيدة عنا بعد السّماء عن الأرض إذا هذه المسلسلات ماهي إلاّ ظاهرة مرضية أصابت المجتمع في العمق فغيرت من طريقة تفكيره وحتى عيشه فأصبحت المرجع الحقيقي للّحب وأشياء آخرى .
يبقى الموضوع للّنقاش ونعود في فرصة آخرى ....فطيمة88