سلام الله عليكم جميعا :
وقال عمها ساخرّا ( كنت أعلم أننّي لن أجد هنا ما يؤكل . ولننّي إستأجرت طابخة ممتازة لبيتي في لندن .)) فانتبهت مانيلا إلى كلمة (بيتي) التّي تلفظ بها ، وكانت تتّصور مبلغ غحتقار أبيها لإقفال المنزل الرّيفي الذّي أمضى فيه أجداده ثلاث مائة عام ، ليفتح ، بدلاّ منه ، ذلك البّيت في لندن الذّي كان يعتبر جديدا بمقارنته بهذا المنزل ، والذّي كان إشتراه جده .وكان عمها يقول ( إننّي مصمم على إقامة عدة مناسبات جميلة جدّا . وطبعا ستساعديننّي ، قبل زواجك بالغحتفاء بالضّيوف .))
ونظر إليها مليّا قبل إنّ يتابع قائلاّ ك(( يجب أنّ أشتري بعض الملابس المناسبة ، إذا أنّ ملابسك هذه لا تصلح مطلقا .))
فرفعت ذقنها قائلة ( كان أبي يحبني في ملابس بسيطة ومع أن الثّوب قد صنعته خياطة قروية ، فإن طرازه مأخوذ عن مجلة السّيدات .))
فأطلق عمها ضحكة ساخرة ( إذا كنت تظنين أن ثوبك هذا يقبل به الذوق السّليم ، فأنت مخطئة جدّا ، وإذا شئت الحقيقة ، يا إبنة أخي العزيزة ، فهندامك يبدوا في غاية التشوش ، فشعرك ليس مسرحا على الطراز الحديث ، وهذا الثوب ، إذا أنت ظهرت به ، سيكون مثار الضحك.))
فقالت مانيلا ( لا شك في أن الحّق معك ياعمي ، ولكن أبي كان يقول إنّ من الخطأ إبتياع شيء لا نستطيع دفع ثمنه .))
كانت تريد أنّ تشعره بالضّيق ، ولكنه ضحك بدلا من ذلك ،وهو يقول ( ربما كان أبوك مسرورّا من تركك تتّعفنين هنا بين النباتات . ولكننّي سآخذك إلى العالم الحقيقي ، عالم النّاس المهمين الذّين سيكونون ذوي نفع لنا نحن الإثنين .))
وأدركت مانيلا أنه عاد للحديث عن الدوق ، فتصلب جسمها . وإذا بعمها يشملها بنظرات كأنه يقيّمها بها ، ثم يقول ( ربما ، على الأغلب ، سيعجبه أن يكتشف جمالك بنفسه ، ولكننّا في نفس الوقت لايمكننّا المجازفة.))
وسكت قليلا ، ثم عاد يقول ( كلا فهذا الأمر أكبر من أن نتركه للّمجازفة .إننّي سأجعلك ترتدين ملابس لائقة تماما ، وتصففين شعرك ، وربما لمسة من الكريم على خديك تمنحهما بعض اللّون.))
وجعلت الطّريقة التّي كان يتكلم بها ، جعلت مالينا تظنّ نفسها تستمع إلى فحيح أفعى .
أرادت أن تثور عليه قائلة إنّ ليس شيء يجعلها تحاول جذب الدوق أو أي رجل غيره لا يحبها لنفسها .
ولكنها ما لبثت أن أدركت أن ليس ثمة فائدة من كلام كهذا لرجل لايملك ذرة من الحساسية .
فقد كان يعتبر الحياة مجرد وسائل يستغلها ماديا .
فقالت وهي تضع فنجان القهوة من يديها ( أظّن عمي ، ان من المناسب أن أتركك تتناول قهوتك ، هذا إذا أذنت لي.))
فأجاب الإيرال ( إننّي مسرور إذا أراك عالمة ببعض التقاليد المتعارف عليها ، على كل حال ، فأنا واثق من أن هناك الكثير منها لا تعرفينه.))
فوقفت مانيلا وهي تقول ( أرجو أن تأذن لي ، يا عمي هربرت ،في أن أذهب إلى فراشي الأن لأنّ لديّ غدّا الكثير من المشاغل ، هذا إذا كنت مصممّا على سفرنا إلى لندن بعد غد.))
فأجاب عمها ( أرى أن عليك أن تأخذي معك هذه الخرق التي ترتدينها وحالما تجد لك الدوقة بعض الملابس المناسبة ، يمكننّا أن نحرق أكثر ثيابك هذه ...وهذا في رأيّي شيء حسن.))
وأخذت مانيلا تفكر في مبلغ جرأته في إنتقاد اللأّذع هذا لها ، بينما هو السّبب في عدم قدرتها على شراء ثوب جديد منذ فترة طويلة .
وفي مبلغ جرأته على نعتها بالرّفية السّاذجة لإختلافها عن النّساء اللأتي يعرفهن في لندن .
تلك النّسوة اللأّتي كنّ السّبب في ما يصدر عنه من فضيحة تلو أخرى.
وأطبقت مانيلا شفتيها ، تمنع بذلك نفسها من أنّ تجيبه بشيء ، ثم انحنت بأدب وتوجهت نحوالباب .فقال لها عمها (لا تنسي انّ لامبورن قادم غدا. ويمكنك أن تغسلي ذلك الكلب فهو يبدو وكأنه خارج لتوه من برميل القمامة .))
وأدلركت مانيلا أنه كان يحاول إسّتفزازها متعمدا .فهبطت السلم ، وفلاش في أعقابها ،و هي تتمتم من بين أسنانها (( أكرهه......أكرهه.....أكرهه...))
إلى اللّقاء في الحلقة القادمة ....