بعد حجة الوداع بثلاث شهور فقط مرض النبى بالحمى الشديدة و التى أثرت فية
كثيراً فكان لا يستطيع القيام من مجلسة و استأذن زوجاته رضى الله عنهم
أن يُمرض فى بيت السيدة عائشة رضى الله عنها , وفى ذلك الوقت نزلت أخر أية
من القرأن و هى قال تعالى { وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى
اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}
(281) سورة البقرة , ثم أشتد الوجع برسول الله , و فى أخر ايامه خرج
ليزور شهداء أحد و يقول ( السلام عليكم و رحمه الله و بركاته , أنتم
السابقون و نحن بكم لاحقون إن شاء الله ) ثم يرجع النبى بين الصحابة رضى
الله عنهم و يبكى , فيقولون : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فيقول لهم : إشتقت
إلى إخوانى , فيقولون : أولسنا بإخوانك يا رسول الله ؟ قال : لا أنتم
أصحابى , أما اخوانى فهم قوم يأتون من بعدى يؤمنون بى و لم يرونى , ثم أشتد
الوجع على الرسول أكثر و أكثر حتى أن الصحابة كانوا يحملونه إلى بيت
السيدة عائشة و لما رءاة الصحابة هكذا , بكت عيونهم , و دخل النبى بيت
عائشة رضى الله عنها و قال : لا إله إلا الله , إن للموت لسكرات , و كان
وجه النبى ملىء بالعرق , تقول السيدة عائشة أنها كانت تأخذ بيد الرسول
فتمسح بها على وجهه الكريم , ثم قال النبى : والله إنى لأجد طعم الشاة
المسمومة فى حلقى !! (( الشاة التى وضع بها اليهود السم للنبى )) , بعدها
بدأ خبر وجع رسول الله ينتشر بين الناس و بين الصحابة حتى أن صوتهم بلغ
مسمع النبى فقال : إحملونى إليهم , فحملوا النبى إلى المسجد و ألقى
أخر خطبة له و قال : (( ايها الناس , كأنكم تخافون علي ؟ ايها الناس :
موعدى معكم ليس الدنيا , موعدى معكم عند الحوض , والله لكأنى أنظر أليه من
مقامى هذا , أيها الناس : والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم
الدنيا ان تتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم ,
ايها الناس : إن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين لقاء الله فأختار لقاء
الله , ففهم ابو بكر المراد و عرف أن الرسول قد خُير بين الدنيا و لقاء
ربه فأختار لقاء ربه , فعلى صوت ابى بكر بالبكاء و قال : فديناك بأموالنا
, فديناك بأبائنا , فيديناك بأمهاتنا , فنظر إليه الناس شجراً , فقال لهم
الرسول : ايها الناس : دعوا ابا بكر فوالله ما من أحد كانت له يد إلا
كافئناه بها إلا ابا بكر لم استطع مكافئتة فتركت مكافئتة لله عز و جل , و
بدأ الرسول يوصى الناس و يقول : ايها الناس : أوصيكم بالنساء خيراً و قال
: الصلاه الصلاه , الصلاه الصلاه , الله الله فى النساء , و ظل يرددها و
بدأ يدعى و يقول : اواكم الله , نصركم الله , ثبتكم الله , ثم ختم و
قال : ايها الناس : ابلغوا منى السلام كل من تبعنى إلى يوم القيامة )) ,
عليك السلام يا رسول الله , ثم دخل النبى بعدها بيته و نظر إلى السواك
فأحضرتة السيدة عائشة رضى الله عنها و ظلت تتسوك به لتلينه لرسول الله حتى
أستاك به النبى ثم دخلت عليه السيدة فاطمة بنت ابى بكر فبكت فقالت : وا
كرب أبتاة , فقال لها : ليس على ابيكى كرب بعد اليوم , ثم ابلغها أنها
اول أهله لحاقاً به فضحكت رضى الله عنها , و فى يوم 12 ربيع الأول نظر
الرسول إلى الصحابة و هم يصلون فأبتسم و ظل ينظر إليهم و يبتسم , ثم
عاد إلى حجرته و بعدها وضع رأسه على صدر السيده عائشة رضى الله عنها حتى
ثقلت رأسه على صدرها رضى الله عنها و مات رسول الله فخرجت السيدة عائشة
تقول للصحابة : مات رسول الله , مات رسول الله , فهذا عمربن الخطاب يقول :
من قال انه مات قطعت رأسة , إنما ذهب ليقابل ربه كما ذهب موسى من قبل , و
هذا عثمان بن عفان لا يستطيع أن يتحرك , و هذا على بن ابى طالب يمشى
كالأطفال هنا و هناك , و أما أثبت الصحابه ابو بكر فأخذ يقول : ايها
الناس , من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات و من كان يعبد الله فإن الله
حى لا يموت ثم قرأ أية الله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ
خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ
عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ
اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران ,
فعلم الناس أن الرسول قد مات حقاً , ثم غسله العباس بن عبد المطلب و على
بن ابى طالب و أولاد العباس بن عبد المطلب ووضعوا التراب على النبى فقالت
لهم فاطمة رضى الله عنها: اطابت أنفسكم ان تضعوا التراب على رسول الله ؟
و فى النهاية اذكركم بالصلاة كثيراً على النبى و دراسة سيرتة جيداً
لعله يشفع لنا عند الله تعالى يوم القيامة إن شاء الله .( اللهم صلى على
محمد عدد خلقك و زنه عرشك و رضا نفسك و مداد كلماتك ) .