وموضوعنا الذي سنتناوله اليوم هو ظاهرة العزوف عن الزواج من
الأرملة أو ا لمطلقة أو التي تكبر سناً وهذه الظاهرة تعاني منها كثير
من الأسر في المجتمعات الإسلامية على امتداد رقعتها إلاّ قليلاً ممن
وفقهم الله.
فللأسف أصبحت تسمع أو ترى لدى البعض تحفظاً أو إعراضاً شديداً
من أسر بعض الشباب في مسألة الزواج من الأرملة، والمطلقة،
والتي تكبره سناً فلو أراد شاب لديه أخت أرملة، أو مطلقة، أو تقدم
بها السن من امرأة لهب أقاربه وبعض من يظهر النصح له بقولهم:
تتزوج أرملة أو مطلقة أو التي تكبرك يا فلان أو جننت!!؟
و كلمتى لهم..........
الأرملة أيها الشاب والمطلقة والمتقدمة في السن، قد تكون في يوم
من الأيام هي أختي أو أختك أو ابنتي أو ابنتك، فكيف يا ترى يكون
حينئذٍ موقفك!؟ أولست ترغب وقتها في بذل الغالي والنفيس وجميع
ما تملك في سبيل إسعادها وأن تراها تعيش هنيئة مسرورة في بيتها
حاضنة أبناءها تعيش في كنف زوجها،
إذاً ليس بالضرورة أن يكون للمرأة ذنب أو جريمة فيما تعانيه بل كما
ذكرت قد تكون هي ضحية مجتمعها. والعجيب أن في هذه العصور
التي تتسم بالحضارة والتقدم «الدنيوي» فإنك ترى بعض أدعياء
التمدن وحقوق الإنسان لا يكادون يولون ذلك اهتماماً بل إن بعضهم
قد يعتبر التعامل مع هذه الظاهرة ضرباً من التخلف أو السطحية، وقد
كان العرب في الجاهلية رغم شركهم وضلالهم يسارعون بالتزوج من
الأرملة والمطلقة معتبرين ذلك من شيم الرجولة ومكارم الأخلاق. بل
إن أفضل الخلق وصفوة الرسل وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم
قد تزوج بخديجة بنت خويلد رضي الله عنها وكانت أرملة وتكبره
بخمسة وعشرين سنة وكانت أول زوجاته وكان لها في نفسه من
الحب والتقدير والمكانة ما لا يخفى على أحد، ورغم أن عائشة رضي
الله عنها هي أحب النساء إليه فقد كان لا ينسى فضل خديجة
ومكانتها حتى بعد موتها،
إن من المؤسف والمحزن أن تبلغ المآسي في بعض المجتمعات أن
يصل سن الفتاة الخمسين سنة وهي بكر لم تتزوج وبعض المطلقات
والأرامل لا يكون نصيبها من زواجها إلاَّ أياماً قلائل معدودة ثم تعيش
باقي عمرها مطلقة أو أرملة أنجبت من زوجها أو لم تنجب، وكأن
لسان حال البعض يقول لا حظ للمطلقة والأرملة والعانس من الزواج.
وهذا من الخطأ والخطر والظلم بمكان، أوليست تلك التي وقع عليها
قدر الله مخلوقة أوإنسانة ذات أحاسيس ومشاعر يجب ألا تُهمش، أو
ليس لهاالحق في الحياة والعيش كما يعيش الآخرون،
وأختتم هذا الموضوع الذي أسأل الله عزّ وجل أن يكون خالصاً لوجهه
الكريم وأن ينفع به من شاء من عباده ببعض فوائد الزواج من
(الأرملة، والمطلقة، والعانس وكبيرة السن):
1 فضل الزواج من الأرملة:
فيه فضائل كثيرة منها:
أن في الزواج بها طريقاً لكفالة يتيمها إن كانت ذات ابن أو بنت وفي
فضل كفالة اليتيم يقول صلى الله عليه وسلم «أنا وكافل اليتيم في
الجنة كهذا وأشار بالسبابة والوسطى، وفرّجَ بينهما» رواه البخاري.
ومن فضائل ذلك نيل أجر السعي على الأرملة والمسكين فعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
«الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله
2 ومن فوائد الزواج بالمطلقة
تلك الإنسانة التي هي كما ذكرت قد تكون في يوم من الأيام أختي أو
أختك أو ابنتي أو ابنتك والتي لها الحق في أن تعيش كما نعيش
وتنعم كما ننعم، والتي في كثير من الأحيان قد تكون مظلومة وليس
بالدرجة الأولى يكون الخلل والتقصير منها،
من فوائد الزواج بها أنها تكون ذات عقل وتجربة ناضجة فقد خاضت تجربة تكون في الغالب قد استفادت منها،
فتأتي لتفتح مع نفسها صفحة مشرقة، لتعيش حياة جديدة رشيدة
ولتكون أحرص ما يكون للعمل على تفادي ما قد يعكر صفو
أوانقطاع حياتها الزوجية وهذا النوع من النساء هي أحرص ما يكون
على التمسك بالزوج و الحرص عليه والسعي إلى الإحسان إليه
والحذر من كل ما قد يغضبه.
يعني المطلقة في إحسانها وأدبها وحسن معاملتها ومكانتها من قلبه.
وكل هذه المعاني قد تنطبق على العانس وكبيرة السن بل إن كبيرة
السن تكون في الغالب ذات عقل راجح وفكر ثاقب ناصح،
يكون لها أكبر الأثر بعد الله تعالى في صلاح ونجاح زوجها في حياته
الدينية والدنيوية معاً وذلك بمشاركتها إياه بالمشورة والنصح،
وإن الناظر اليوم لأحوال الأسر ليجد أن بعض الزيجات التي لم يُكتب
لها التوفيق في حياتها الأسرية الأولى كان التوفيق حليفها في تجربتها
الثانية فعاشت أهنأ وأسعد أيام عمرها وكأنها لم تكن ارتبطت بغيرها
من قبل،
وهذا هو حسنُ مآل وعاقبة المؤمنة إذا طلقت أورُملت فاتقت الله
وحفظت نفسها وحافظت على ما بينها وبين ربها عز وجل، قال
تعالى: «ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا
يحتسب»، وقال سبحانه: «ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً».
هذا ما يسر الله لي تدوينه والله جلت عظمته أسأل أن يحفظ شبابنا
وجميع نساء مجتمعاتنا من كل سوء وأن يلهمنا رشدنا وأن يرزقنا محبته ومخافته والإخلاص له في القول والعمل
***************************************فطيمة88***********************************