هي الكلمات التي نتلقاها من الآخرين فيخالطنا
شعور غريب من العجب والاشمئزاز والشفقة على أنفسنا لأنها تجرح حتى اللحظة
التي مرت بها..
هي مثل البريق الذي نلمحه، يملأ أنظارنا في لحظة.. ويصم آذاننا لوهلة لنقف بعده مشدوهين متسمرين في أمكنتنا!
هذه الكلمات لا تقاس بالمساحة!!
إنما تنبع قوتها من الهيجان المصاحب لها..
الذي يجرف معه مشاعر وإيحاءات سلبيه تلطمنا على وجوهنا.. فنهتز لها مترنحين!!
تلك الكلمات قد لا نستطيع بعدها تذكرها..أو نطقها...أو حتى إحصاءها!!
ولكن الألم الذي تغلغل في أعماقنا..
وهشم أفئدتنا..
وسطر إخفاقاتنا..
يبقى نازفا، نابضا، دفقا...
ووقودا للحرائق التي تشتعل بداخلنا.
صخر
أخو الخنساء عندما مرض، وبقي على فراشه سنة كاملة قبل موته سلمى زوجته،
إذا سُئلت عنه تقول: لاحيّ فيُرجى ولا ميت فيُنعى!! وكانت أمه إذا سُئلت
عنه قالت: أصبح بنعمة الله سالماً. فقال:
أرى أم صخر لا تمل عيادتي * * * وملت سليمي مضجعي ومكاني
و ما كنت أخشى أن أكون جنازة * * * عليك و من يغتر بالحدثان
وقد
تكون هذه الكلمات تمسنا في من نحب: ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
خديجة يوماً من الأيام فأخذت عائشة رضي الله عنها الغيرة فقالت: هل كانت
إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها، فغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني
الله خيراً منها! آمنت إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذّبني الناس، وواستني
بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء!!
وقد
تقود هذه الكلمات الجارحة بصاحبها إلى التهلكة، كما حدث مع عدة شعراء منهم
الأعشى الذي قتلته قصيدة قالها في الحجاج بن يوسف الثقفي، ورماه بعدم
الأصالة:
إن تأنسوا بمذممين....
في الناس إن نسبوا عروق عبيد
وقد
تقع هذه النهاية المفجعة بأيدي صاحبها كما حدث مع "جوبلز" وزير الدعاية
والأعلام في عهد ألمانيا الهتلرية.. كان "جوبلز" وقتها مبهرا ومقنعاً في
مقالاته وخطبه الدعائية. وكان بحق المنظر والمبرر الأكبر لكل نظريات هتلر
فبعد هزيمته في الحرب العالمية الثانية، انتحر هتلر، وانتحر جوبلز بعده
بدقائق، لإدراكه خطورة كلماته على الحلفاء!!