هذه طفله بكت وابكت كل من يراها بعد وفاة امها..
كم كنت أحب المدرسة ؟ وأحب المعلمة ، وأحب النجمة التي تضعها على جبهتي
وتصفيق الطالبات لي عندما أجاوب على سؤالها ، فأنا حفظت الاجابة عن ظهر قلب
بمساعدة أمي الحبيبة !!
ورغم حبي للمدرسة إلا أني كنت أنتظر موعد الخروج لأرى ماما تراقبني خلف باب
المنزل ، تلوح لي بيدها ، فأركض نحوها وأقبلها ، ثم ترسم قبلة على خدي ،
وتحمل لي الحقيبة ، وأمضي خلفها لأسرد لها بطولاتي اليوم في المدرسة ...
ما تزال عباراتها ترن في أذني حتى اليوم : [ يجب أن تجتهدي في المدرسة ،
وتأكلي جيدا ، لتكبري وتصبحي طبيبة تداوين الأطفال المرضى ....] وبعد أشهر
قليلة ، حدث شيئا ما ، لم أكن أدركه تماما !
ولكن كل ما أذكره ، أن أمي بدأت بالذبول ...
لم تعد تنتظرني خلف باب المنزل من أجل استقبالي !
ولم تعد تروي لي حكايتي المفضلة ليلى وجدتها ....!
أذكر أن أبي كان يذهب مع أمي للمستشفى ثم يعودون للمنزل وأبي شاحب الوجة كثير الشرود فتأخذني
أمي في حضنها وهي تبكي!!وكنت أسأل نفسي: لماذا يذهبون للمستشفى؟ ولماذا أمي تبكي؟
فتوقعت أن أمي مريضة!! فكنت
أجري إلى حضنها ، ثم أضع يدي على صدرها وأقول : ماما بأقرأ عليك قل أعوذ برب الناس والفلق وقل هو الله أحد عشان تطيبين
عندها تمسح دمعتها وتبتسم ثم تقول : أجل حبيبتي ، الله هو الشافي ...ثم
تضمني من جديد لأغفو قربها .... لم يمض بعد ذلك إلا أسابيع ، كنت حينها في
الثامنة من عمري ، استيقظت صباحا ، وتفاجأت عندما وجدت في منزلنا الكثير من
الناس !!بكاء ونحيب !! ترى لماذا حضر كل هؤلاء إلى منزلنا منذ الصباح
الباكر ؟!ولماذا يبكون ؟!
أحسست حينها أن شيئا مخيفا قد حدث !
جريت مذعورة لأبحث عن أمي ، في غرفتها ، لكن عمتي وضعت يدها على الباب
ومنعتني من الدخول ،ثم جاء أبي مسرعا وحملني بقوه وأحسست بأنفاسه المتلاحقة
، ثم سمعت عمتي تقول لأبي : إنا لله وإنا إليه راجعون ...
عرفت حينها أن ماما راحت لربي !!!
ماتت أمي ...مات القلب الرحيم ، ومات الحضن الدافئ وماتت اليد التي تمسح
دمعتي ،ومات الوجه الذي ضاحكني ،وماتت العين التي ذرفت الدموع لأضحك ، ومات
الجسد الذي فني لأحيا ....
جمدت الدمعة في عيني .....ولا أذكر بعدها ما حدث !
ولكن أذكر أني بالرغم من طفولتي كنت أواسي نفسي وأقول : ماما لم تمت !!
ماما ماتت في الدنيا ...ولكنها ذهبت لتعيش حياة هانئة في الجنة ، لا مرض
فيها ولا موت ... أمي ارتحلت إلى خالقها ، وهو يحبها أكثر مني ، حتما هي
سعيدة الآن ...ولكنها ستحزن إذا رأتني أبكي ...
لن أبكي ! مرت الأيام لم استطع أن استوعب بأني لن اشاهد أمي مرة ثانية ولا
أنسى أن بابا قام بعدة محاولات لأذهب للمدرسة وكنت داخل الفصل كثيرة
السرحان أفكر في أمي متى أراها ؟ هل ستعود؟ ماذا تفعل الأن ؟ آه آآه كم أنا
مشتاقة لها ؟_ وفي أحد الأيام لم أكن اعلم بوجود
واجب الرياضيات فقالت لي المعلمة
بصوت غاضب : أنتي طالبة مهملة
أين أمك ؟ ... لماذا لم تقوم بتدريسك... لن تدخلي الفصل إلا بحضور والدتك
خرجت بعد نهاية اليوم الدراسي واتجهت
إلى المقبرة وجلست عند قبر أمي وأخذت أبكي بشدة وأقول أمي أنا أحبك أرجعي
لنا وسأعمل كل ماتطلبينه مني هل تسمعيني ياماما ؟ هل تسمعييييني ردي ارجوك
ياأمي ردي علي . أرجوك يا أمي خديني معك
تذكر ماذا فعلت لأسعاد أمك هذا اليوم؟ـِ