ظره بالوجه وإيماءة باليد..موعد ولقاء، وتجدهم على المقاعد
ينتشرون، وفي كل مكان وزاوية ميتة يجلسون، يتهامسون ويتلمزون، و"رسائل
الجوال" على مدار الساعة يتبادلون، وسؤال يدور في الذهن ليل نهار، هل سأنجح
هذه المرة آم سأفشل؟ وقديما قيل أن الإنسان حين يحب بحق يحتّل عرش تفكيره
جيش لا يقهر من المشاعر، فيفلت منه زمام الرؤية والقرارات، لكونه لا يغدو
هو نفسه من يعطي الأوامر لحواسه ولأفعاله، حيث يتمترس "الحبيب" داخل بؤبؤ
عيونه ويضع ستارا أسودا عليه يحجب مجسات النظر المحتمل لها التأثير على
مستقبله العاطفي.
وفي الكثير من جامعات العالم، تموت يومياً "قصص
حب" وتنشئ أخرى بقوة، حيث أن دور الجامعة يتعدى كونها مؤسسه تربوية
تعليمية، ويظهر هذا جليا في كل التجارب التي يخوضها طلاب وطالبات الجامعات
فكون الجامعة هي التي تمنح الدور الأكبر لكل شاب وفتاه ليتعرف على الجنس
الأخر، وهذا ما يزيد من الرغبة الدفينة داخل كل شاب وفتاه.
رموز
"وعوالم" الطرف الأخر
تقول الطالبة سهاد محمود (20 عاما) تدرس
الاقتصاد في جامعة القدس المفتوحة في نابلس: لا أحد يستطيع أن يحدد مدى
إمكانية نجاح التجارب العاطفية في الجامعة مستقبلاً، فهذه عملية تبقى معقدة
كونها محكومة بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئة المحيطة، ولكن في
معظم الحالات تفشل القصص التي تؤسس داخل أسوار الجامعات، كونها بمعظمها
تأتي كاستطلاع وفك رمز و"عوالم" الطرف الأخر، وتكون بذلك علاقات سريعة غير
محسوبة النتائج، كما أن العوامل الاقتصادية تقف غالباً في المرصاد أمام
إمكانية نجاح علاقة الحب المأمول منها الوصول للقفص الذهبي.
أما
الطالب مراد يوسف (22 عاما) فيتطرق للوضع الفلسطيني خاصة، مشيراً أن العامل
السياسي، يعقد المسألة، فعدم وجود استقرار سياسي ينعكس على الحياة
بمجملها، فالبطالة في أعلى مستوياتها، وفرص العمل للطلاب بعد التخرج مسألة
ليست ذات سهولة، ولكن ورغم فشل نسبه كبيرة من التجارب العاطفية داخل
الجامعات الفلسطينية، إلا أن هذا لا يجعل هذه التجارب تجف وتتوقف، بل أنها
تشكل حافزاً للكثيرين لإقامة علاقات جديدة، لكثرت الفرص المتاحة أمامهم.
خطر
لا فكاك منه
أما الطالبة سميرة محمود فتحدثت عن الأضرار التي قد
تلحق بالتحصيل العلمي نتيجة العلاقات العاطفية في الجامعة وتقول: الحب في
الجامعة خطر على التحصيل العلمي، وهذه قضية يصعب الفكاك منها، فالحب يجعل
الطالب مشغولاً بقضايا أكبر منه، وهذا الأمر يشكل خطرا كبيرا على مستقبل
الدراسي ويجعل من جدول محاضراته بوصله لتجديد اللقاء ورؤية من يحب فقط،
وهنا يقع الطالب في مزجيات الحب ويحكم على دراسته من خلال ما يمر به من
مواقف سعيدة كانت أم حزينة، وفي ظل هذه التكنولوجيا وعصر الجوالات
والانترنت تزداد فرص الحديث وتبادل الرسائل بين كل عاشق ومعشوقة وهنا تكون
الفرصة مؤاتيه لجميع الاحتمالات بسلبياتها وإيجابياتها.
وسرد لنا
الطالب مؤمن إبراهيم (23 عاما) حكايته مع الحب في الجامعة قائلا: مررت
بأكثر من تجربه أولها كان عندما دخلت الجامعة أعجبت بفتاه من أول نظره،
وحين حاولت أن أتعرف عليها ونبنى معا علاقة نسعد بها نحن الاثنان فوجئت
بأنها شديدة الغيرة والتقلب وتكثر من الزعل بالعربي خلت عيشتى سوده
وأضاف
إبراهيم: حاولت أن أغير من تفكيرها لكنى فشلت فقررت أن أنهى علاقتي معها،
لكن لم أجد الطريقة المناسبة، فحصل "زعل" بيننا رغم أننا ندرس بنفس الفصل،
لكن بعد فتره من الوقت تعرفت على بنت ثانيه، وكنت حريصاً كل الحرص على أن
أتواجد اكبر عدد ممكن في الجامعة حتى أستطيع أن أجلس معها.
الجامعة
وفتح أفاق التفكير
أما الطالب حامد عبد الرزاق في الدراسات العليا
فيقول: الجامعة هي مؤسسه تربوية تعليمية يقع على عاتقها المسؤولية الكبرى
في توعية الطلاب وفتح أفق جديد في تفكيرهم وجعلهم قادرين التحكم بعاطفتهم
بشكل يجعل من علاقاتهم ببعضهم تأخذ طابعا آخر وشكلا جديدا يكون الحب من
خلاله حافزا لتقدمهم في مجال دراستهم ونجاح حياتهم المهنية، ولكن للأسف فان
معظم جامعات الوطن تهمل هذا الجانب وتركز على الدراسة الاكاديمية
والتخصصات بتنوعها وتتجاهل حقيقة أن الإنسان مجموعة من المشاعر وليس حاسبا
الكترونيا نغذيه بالمعلومات.
ويلفت خالد سليم، الاختصاصي النفسي أن
فشل الكثير من العلاقات العاطفية الناشئة داخل أسوار الجامعة، يعود الى
التعاطي غير المدرك مع مجمل هذه العلاقات التي تكون تعويضاً عن الحاجة
النفسية والاجتماعية للإنسان، وخصوصاً عند الإناث، اللواتي يبحثن عن اهتمام
يفتقدنه، أو حنان هو أبعد ما يكون عنهن وهذا يكون دائما في المجتمعات
المغلقة كالمجتمعات العربية تحديداً، ويشدد على أن هذه العلاقات هي كباقي
العلاقات الاجتماعية يمكن أن يكتب لها النجاح أو الفشل، يحكمها سلوك
الطرفين، ومعظم العلاقات في الجامعة لا ينجح منها سوى 5% فقط لعدم تبلور
وعي كامل لدى معظم الطلاب.
الحب في الجامعة قضية بحث فيها كثيراً،
وقد يكون كتب أكثر حولها، ولكنها تبقى قضية شائكة لتداخل الكثير من العناصر
بها، ولكي نكون أقرب إلى الواقع، قمنا بإعداد استطلاع للرأي ضم 500 طالباً
جامعياً في فلسطين، وبين الاستطلاع الذي أجري على عينة عشوائية أن 78% من
المستطلعة آراؤهم خاضوا ويخوضون علاقة حب، بينما قال 20% أنهم لم يحبوا،
وأجاب 2% بلا نعرف. وفي المقابل أجاب 64% من الطلاب أن الحب يدفعهم إلى
النجاح، وقال 31% أنه يدفعهم للفشل، وقال 5% أن الحب لا يؤثر عليهم.