ملابسات مقتل سارة الجزائرية في مكة

جاءتالجزائرية سارة بن ويس، من مدينة مارسيليا الفرنسية، إلى الديار المقدسة، معتمرة،بصحبة ولي أمرها وأخيها، لتلقى مصرعها بطريقة غامضة، ولتكون حديث الرأي العام، فيالسعودية وخارجها، خاصة مع تضارب الأقوال بين من قالوا إنها رمت بنفسها من سطحالفندق الذي كانت تقيم فيه، وبين من قالوا إنها حُملت بعد وفاتها إلى سطح الفندقالمجاور، ليقطع الطب الشرعي الشك باليقين: «لم تفقد عذريتها، ولم تتعرض للاغتصاب»،وبناء عليه أغلق ملف القضية، ودفنت سارة في مقابر الشرائع بمكة المكرمة.
«سيدتي» عاينت مسرح الجريمة، والتقتأقاربها، وشهود العيان، ومسؤولين بالطب الشرعي، ومدير شرطة العاصمة المقدسة، الذينتعاملوا مع القضية.

تطورات وأحداث درامية شهدتها قضية سارة في أقل من أسبوع، معلومات متضاربة،واتهامات متبادلة، جعلت الضحية حديث الصحافة المحلية، والعربية، والعالمية، حتىأسدل الستار عليها، بعد أن أبدى ولي أمرها اقتناعه بنتائج التحقيقات، وأحيلالمتهمان اليمنيان إلى المحكمة بتهمة الخلوة غير الشرعية.

ما قبل التقرير
بين الطابق السادس عشر بفندق الراشدية بشارع غزة بمكة المكرمة، وبين سطحالفندق المجاور، يكمن اللغز الذي ماتت بسببه سارة، وقبل أن يبت التقرير في القضية،أثيرت تساؤلات وشكوك، منها: هل حاولت سارة الهرب فعلاً، بعدما افتضحت خلوتها معالشاب جلال، ولم تر منفذًا سوى النزول من سطح الفندق لسطح الفندق المجاور، ولمتقدر خطورة الارتفاع، فهوت وزهقت روحها.. ربما؟! فكم من حالات هوى فيها أشخاص منارتفاعات، وكانت إصاباتهم خفيفة، وهذا يفسر سلامة جسدها وهي ميتة.
هل تعرضت فعلاً للاغتصاب وقاومت، فاضطر الفاعل إلى إسكاتها للأبد خوفًا منالفضيحة، وبعدما فاضت روحها حملها لسطح الفندق المجاور؟
حتى هذا الاحتمال لا يصمد طويلاً، لأنها كانت مرتدية عباءتها، وغطاء رأسها،وكذلك أعلن الطب الشرعي أنها لم تتعرض للاغتصاب، وأنها ماتت عذراء.
حتى وليها، بومدين الخطيب، سجل، وهو يتسلم جثتها من مستشفى الملك فيصل فيالششة، اقتناعه بنتائج تقرير الطب الشرعي الصادر من إدارة الطب الشرعي في الشؤونالصحية في العاصمة المقدسة، وأنها صعدت إلى سطح الفندق مع العامل اليمني بإرادتها،حتى لا يفتضح أمرها، فسقطت خلال عملية الهرب.
وقد أوضح تقرير الطب الشرعي، أن السبب الرئيسي لوفاة سارة أنها تعرضت لصدمةعصبية أثناء سقوطها، بسبب عدم إدراكها المبدئي عند قفزها لطول المسافة التي تصلإلى 25 مترًا، إضافة إلى إصابتها بكسور مضاعفة في الكاحل، والساق، والحوض، كما أنشدة الارتطام كانت قوية جدًا، مما نتج عنها حصول نزيف داخلي، وتم تشييع جثمان سارةبحضور رئيس البعثة الجزائرية، وعدد من المعتمرين الجزائريين، والمواطنين.
والغريب أنه قبل صدور تقرير الطب الشرعي (وهو الوثيقة الرسمية التي بتت فيحادثة وفاة سارة)، ثارت شائعات بأن أحد التقارير المتعلقة بالقضية، أشار إلى أنالفتاة سارة ليست بكرًا، وأن الإصابات التي وجدت على جسدها خصوصا قدميها، لا تشيرإلى كدمات السقوط، بل إلى آثار مقاومة عنف، أو اعتداء واغتصاب! مما جعل القضيةمثيرة جدًا للتكهنات، والافتراضات.

عودة لمسرح الجريمة
في يوم الثلاثاء 15 سبتمبر 2010، شهدت غرفة أحد العاملين بفندق الراشدية (فيالطابق السادس عشر) واقعة خلوة غير شرعية مع الفتاة سارة، وخلال حوارنا مع وليأمرها بومدين الخطيب قال: «كنت أكفل سارة بعقد من المحكمة الفرنسية، ليست قريبة ليأساسًا، فقط كنت ووالدها نسكن في نفس القرية، وبيننا صداقة منذ الصغر، لكن عندماتركتها أمها في فرنسا للمحكمة الفرنسية لكي تدبر أمر حضانتها طلبت تبنيها، فعاشتمعي خمس سنوات، كانت متفوقة في دراستها، وحفظت 7 أجزاء من القرآن الكريم، لهذاأستبعد فرضية إقدامها على الانتحار، بل من المستحيل أن تكون قد انتحرت».
يتابع الخطيب: بعد بلوغها السن القانونية عرضت عليها وعلى ابني محمد أداءالعمرة، وكانت سعيدة جدًا بوجودها في الحرم المكي الشريف، وقامت بشراء عباءاتلصديقاتها، وكتب دينية باللغتين الفرنسية، والعربية.
وبعد عودتي من صلاة العشاء في ذلك اليوم وجدتها جالسة هنا، وأشار إلى ناحيةالباب، ووجدت معها عشاء لشخصين، فقالت لي: «سأصعد إلى السيدة العجوز التي كنت أمشيمعها إلى الحرم لتوديعها لأنها مسافرة، وذهبت أنا إلى السوق لشراء بعض المستلزمات،ورجعت لأسأل العجوز عن سارة، فأجابتني أنها لم ترها، بحثنا عنها في غرفتها فيالدور الحادي عشر، وفي غرف الفوج الذي أتى معنا فلم نجدها، طلبت من مدير الفندقإبلاغ الشرطة فرفض، ثم أخبرني أن الفندق المجاور اتصلوا وأخبروه أن فتاة سقطت علىسطح فندقهم، فركضت، ووجدتها مغطاة والعباءة تسترها إلى آخر قدميها، وخمارها لميتزحزح عن رأسها، وعند سؤالي إن كان شخص ما قام بتغطيتها قال مدير الفندق: «إنهملم يجدوا أي بصمات عليها، ولا أظن أن أحدًا يستطيع تغطيتها بخمارها بهذا الشكلالمتقن»، فقلت: «إنا لله وإنا إليه راجعون»، يستطرد بومدين: «نزلت إلى الشارع أمشيفاقدًا الوعي، وبعدها بربع ساعة قلت لنفسي: يجب أن أعود لكي أرى إصاباتها، فوجدتفي رجلها جرحًا غريبًا يحيط بأعلى كعبها على محيط رجلها الخلفي فأخذت أبحث عن دم،أو نزيف، لكنني لم أجد شيئًا، فكيف من الممكن أن يكون هذا الجرح من السقوط ولايوجد دم يحيط به، ولا يوجد نزيف من الفم، أو الأذن، أو الأنف، كما لا يوجد دم علىرأسها، أو حجابها، كأنها وضعت في هذا المكان ولم تسقط، لذلك أستبعد فرضية الانتحار؛لأنها لو انتحرت لتهشم رأسها.
(هذه الأقوال قبل صدور تقرير الطبيب الشرعي، الذي وافق عليه الخطيب).

التحرش بالضحية
وعند سؤالنا له عن تواجدها في الغرفة مع شخص يدعى عمار، يمني الجنسية، يبلغمن العمر 23 عامًا وفقًا لرواية أحد العاملين في الفندق، قال الخطيب: «سألت ولديمحمدًا، وكان يرافقها دومًا، فقال إن عمار كان يقوم بمعاكستها، وكذلك جلال، وشخصسعودي الجنسية يعمل موظف استقبال اسمه زايد، وزايد هذا قام بإعطاء رقمه إلى ولديالصغير لكي يوصله إليها، وعندما واجهته قال: «لقد أعطيته الرقم لكي أتراسل معه! صحيحأنها تلقت تربية إسلامية متفتحة في فرنسا، وربما أرادوا أن يغتصبوها فدافعت عننفسها، لذلك أطالب بالتحقيق مع مدير الفندق لأنه لم يقم بعمله الواجب عليه،والتصدي لتحرش العاملين لديه بالنزلاء، أنا أتهمهم جميعًا، من المدير إلى الكناسبمقتلها».
(نذكرأيضًا أن هذه الأقوال كانت قبل موافقته على نتيجة التقرير الشرعي).
وتردد أن ولي الأمر قال (يوم وقوع الحادثة): «لو الأمر بيدي لرفضت تشريح الجثة،ثم استدرك: «إلا إذا كان المشرحون نساءً، لا رجالاً».

لم تر والديها
عن نشأة الضحية سارة يستطرد بومدين: «لم تر والدتها منذ تركتها في المحكمةقبل ست سنوات، وكذلك لم تر أباها منذ عشر؛ لأنه لا يستطيع الخروج من الجزائر إلىفرنسا، وعندما سألناه عن أسباب ترك أمها لها وأين تعيش الأم، رفض الإجابة وقال: «محمدليس شقيقها، وإنما هو ابني من زوجتي التي توفيت قبل عشرة أعوام».

أخوها محمد: عمار كان يضايقها
لأنه لا يتحدث العربية قام بومدين بترجمة الحوار مع أخيها (بالتبني) محمد،حيثُ قال: «كان عمار يضايقها، وشخص يدعي أنه شقيقه ربما كان اسمه عنتر، وعاملنظافة اسمه عبدالحكيم، وزايد موظف الاستقبال، وكنت أخرج معها طوال الوقت وأمشيمعها في كل مكان، ولم تكن متضايقة، أو غاضبة من شيء، إلا من عمار الذي كان يضايقهاكثيرًا».

» قصة مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما
» مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم
» الجديد في مقتل هبه العقاد ابنة ليلى غفران
» الجميلة فلة الجزائرية
» سارة

صفحة 1 من اصل 1